بعد 50 عاماً على زواجها.. تعيد حفل زفافها انتقاماً
في واحدة من أغرب الحكايات الزوجية، وتقاليد الزفاف
في السعودية، سجلت امرأة مسنة من المنطقة الجنوبية، سابقة هي الأولى من
نوعها، عندما غادرت منزل زوجها حانقة لأول مرة في حياتها، وأعادت «ف. ع»،
ستة وستون عاماً، حفل زفافها بعد مضي حوالي خمسين عاماً على زواجها، لأنها
شعرت بالإهانة من كلام النساء عن تواضع مستوى «زفتها». «سيدتي» التقت
السيدة العجوز وزوجها، بعد إتمام مراسم الزفاف الجديد، ليرويا التفاصيل..
الرياض: هيام الزير
< كم مضى على زواجك؟
أكثر من خمسين عاماً.
< لماذا غادرت بيت زوجك حانقة للمرة الأولى منذ زواجكما؟
إثر
حديث ذكريات دار في أحد مجالس نساء أهل زوجي، وانتهى بإسماعي تعليقاً
ساخراً على قلة عدد أفراد الموكب الذين زفوني إلى زوجي، قبل حوالي خمسين
عاماً.
< لماذا اشترطت إعادة حفل زفافك رغم مضي فترة طويلة عليه؟
لأنني
اعتبرته إهانة لي، وتقليلاً من شأني وشأن قومي. فطلبت رد اعتباري بزفاف
جديد في موكب يليق بي وبأهلي، واشترطت لأعود إليه أن أزف من جديد.
< لماذا اخترت هذا الوقت بالتحديد لإعادة حفل زفافك؟
لأن الله هو من قدر لي هذا الوقت ليخرجني من صمتي، وينصرني على سخرية عائلته بي.
< هل من شروط جديدة ألزمت بها زوجك؟
نعم، اشترطت عليه أن يبتاع لي ذهباً جديداً كأي عروس جديدة تُزف لأول مرة.
< ماذا كانت ردة فعله؟
استغرب في البداية، ورفض، لكن أمام إلحاح أولادي وأحفادي وافق.
< من أيدك على فكرة إعادة زفافك بعد زواج امتد لما يقارب الخمسين عاماً؟
أيدني على هذه الفكرة بناتي، وشجعني أهلي وعائلتي، وناصروني على تنفيذها، وساعدوني في إقامة موكب لائق لزفافي.
الزفافان.. القديم والجديد
< كم كان عدد الأشخاص الذين حضروا زفافك الأول؟
كان عدد الأشخاص الذين حضروا زفافي الأول لا يتجاوز الثمانية أفراد، هم: جدي، ووالدي، وعمي، وخالي، وأشقائي.
< وعندما أعيد حفل الزفاف كم كان عدد الحضور؟
أكثر
من 1500 شخص، بالإضافة إلى أقاربي الذين تناسلوا، كما جاء أهل زوجي، وتم
استقبالهم بالطقوس التقليدية ذاتها التي تتم في حفلات الزفاف الأخرى.
< كيف تمت طقوس إعادة الزواج؟
أراد
أهلي أن يلقنوا أصهارهم، أهل زوجي، درساً لا ينسى في كيفية تقديري، وحفظ
مكانتي، فقرروا تمديد استضافتهم بدلاً من نصف يوم، كما هي العادة، إلى
ثلاثة أيام، شاملة للمبيت والذبائح، مما جاوزت نفقاته مائة ألف ريال،
تحملتها عائلة زوجي وأبناء قريته.
< ما هو شعورك أثناء زفافك للمرة الثانية؟
لم
أشعر وأنا أزف للمرة الثانية بذات مشاعر خجل العروس ورهبتها الاعتيادية،
من وصولها إلى مكان لا تنتمي إليه، ولا تعرف فيه أحداً في الغالب، بل كنت
هذه المرة سعيدة، وفخورة جداً لما اعتبرته تشريفاً، ورد اعتبار منصفاً أقر
به جميع من كانوا في مقدمة مستقبلي موكب زفافي، بمن فيهم أبنائي الذين يبلغ
عمر أكبرهم أربعة وأربعين عاماً.
لقاء الزوج
والتقت سيدتي الزوج «م. ع»، رجل متقاعد في الخامسة والسبعين من العمر، وسألناه بداية ما قولك عما حدث؟
لم
أجد من يقف معي، ووجدت نفسي أدور في الشوارع وألف وأبكي، واستغربت كثيراً
من موقف زوجتي التي تربطني بها عشرة طويلة، وأبناء وأحفاد، فهل الزفة أو
الكوشة، أو الفستان الأبيض، تجعلها تعود إلى رشدها؟
< هل تعتقد أنك تعرضت لضغوط من قبل عائلتها لتوافق؟
نعم، بالإضافة إلى غضبها الذي أثر فيّ كثيراً، خاصة أنها منذ زواجنا لم تخرج من البيت غاضبة.
نعم ظلمتها
< ألا تشعر أنك ظلمتها؟
نعم، ظلمتها، لأنني عندما
تقدمت لخطبتها وعدت عائلتها بإقامة حفل كبير، يحضره عدد كبير من الناس، لكن
لم أستطع نتيجة ظروف وفاة أحد أقربائي. ورغم السنين والعشرة التي بيننا،
لم أستطع أن أنسيها ذلك الحلم، وظننت أنها ستعوضه في زواج إحدى بناتها، لكن
خاب ظني.
< هل أرهقتك إعادة الزفاف مالياً، وكم كلفتك؟
شتان ما
بين الماضي والحاضر، فتكاليف الزفاف في الوقت الحاضر فاقت تكاليف الماضي
بعشرة أضعاف، وزفافي الحاضر كلفني أكثر من مائة ألف ريال، غير صالة الأفراح
التي أصرت زوجتي أن تُزف بها من بدايتها إلى نهايتها.
< كيف وجهت دعوة إعادة مراسم زفافك إلى المعازيم؟
عندما
وجهت دعوة الزفاف إلى أقاربنا، وإلى أهل قريتنا، كنت في منتهى الخجل،
فمنهم من أخذها بسخرية، ومنهم من أخذها على أنها كذب، وبعضهم حضر كي يرى
حقيقة هذه الدعوة.
< من الذي أعانك على تكاليف الزفاف؟
لقد
اضطررت، وتحت إلحاح أبنائي، وعائلة زوجتي لإتمام إعادة الزفاف، للاستدانة
من إخوتي وأصدقائي وأبنائي، واليوم أنا غارق في الديون بسبب هذا الزفاف.
الرأي النفسي: من الضروري رفض الاستسلام للإحباط
أشار الاستشاري النفسي فهد اليحيى، أن هنالك عدة
خيارات تتراوح بينها مواقف الناس، منها الاستسلام: فالكثيرون يتراجعون أمام
العوائق، ويتخلون عن تطلعاتهم وأهدافهم، ويستسلمون لكل تداعيات المشكلة
ومضاعفاتها، ويعترفون بالعجز والفشل، وأن ذلك قدرهم الذي لا خيار لهم إلا
بقبوله، وحينما تسيطر نفسية الاستسلام على الإنسان، فإنها تفرض عليه
الانهزام والانسحاب أمام أبسط التحديات، وأقل الصعوبات، ومن دون أن يبذل
جهداً كافياً لتجاوز ما يواجهه من عوائق.
وهناك أيضاً، الانفعال النفسي:
فبعض الناس، حينما تصطدم رغباتهم بعوائق وموانع، ويواجهون وضعاً غير مريح
لهم، فإنهم يعيشون حالة من التوتر النفسي الدائم، ويصابون بالكآبة والإحساس
بالقهر، وقد يؤدي بهم ذلك إلى حالة الشعور بالإحباط والقنوط. وهذا الخيار
أسوأ وأخطر من الخيار السابق، الذي يتراجع فيه الإنسان عن رغبته، ويعلن
الاستسلام والقبول بالهزيمة. فهو هنا لا يتخلى عن رغبته، بل يزداد انجذاباً
إليها، ويعاني من الشعور بالحرمان منها، ويستحضر في نفسه وذهنه دور
العوائق في عدم تحقيق تلك الرغبة بشكل دائم، مما يجعله عرضة للاضطراب
النفسي والمعاناة الشديدة.
ويضيف اليحيى، بأن العلماء أطلقوا على هذه
الحالة مسمى الإحباط، وتتفاوت درجات الشعور بالإحباط حسب تفاوت إلحاح
الدافع وقوة العائق، فكلما كان دافع الإنسان شديداً نحو غرض معين، وكان
العائق قوياً، تصبح حالة الإحباط عنيفة بنفس الدرجة والمستوى. وينتج
الإحباط خاصة في درجاته المتقدمة آثاراً تدميرية خطيرة على حياة الإنسان
والمجتمع. فهو يمعن في تمزيق نفس الإنسان، ويجعله يعيش حالة دائمة من السخط
والتوتر، ويفقده بالتالي الإحساس بالسعادة، والتمتع بمباهج الحياة،
فيتناسى ويتجاهل كل ما لديه وحوله من المكاسب ومنابع اللذة، والارتياح،
ويتركز نظره وتفكيره حول ما تعذر عليه نيله والوصول إليه، فتصبح الدنيا في
عينيه سوداء قاتمة، ويصبح هو كئيباً متشائماً إلى أن يحقق رغبته.