اشكالية نقص العقل والدين عند المرأ
التباس تاريخي أم نص شرعي
وإذا كانت الدكتورتان سعاد صالح وآمنة نصير تؤكدان أن صحة الحديث أو
صحة حدوث الرواية عائد على الخطأ في تفسيرها وبيان مدلولها ـ وكذلك الباحثة
مديحة خميس التي ساقت وحشدت من الحجج والمناقشة العقلية في بيان مدلول
الحديث فإن هناك من رأى عدم صحة وبطلان هذه الرواية وتشكك فيها ، كما يذهب
إلى ذلك الباحث الإسلامي علي عبد الجواد (المصدر السابق) إذ يقول أن هذه
الرواية التي ذكرها البخاري ومسلم والترمذي وأبو داؤود وابن ماجه ومسند
أحمد لم ترد في النسائي والدارمي والموطأ لمالك وهي تخلو من شروط صحة
الحديث ـ حسب الباحث المذكور ـ وأهمها ألا يكون ثمة راوٍ مجروح في السند ،
ويقول : فقد وجدنا في روايات البخاري ومسلم الخاصة بحديث الناقصات عقل ودين
أن الراوي زيد بن اسلم رتبته في كتب الرجال أنه ( يرسل ) وبالتالي فإن
الحديث ضعيف ، وأورد الشرط الثاني: أن يخلو المتن من الشذوذ وهذا الحديث
فيه العديد من أوجه الشذوذ في مقدمتها أن النبي (ص) لم يحضر إلا أضحى
واحداً في السنة التاسعة الهجرية ومع ذلك فإن الراوي لم يدرِ أكان الحديث
في عيد الفطر أم الأضحى وبذلك يكون الراوي غير حافظ وعقله غير واعٍ فيكون
مجروحاً ثم أن الرسول (ص) خطب خطبة واحدة ولم يخطب خطبة للنساء وخطبة
للرجال ، ومن جانب آخر ذكر الباحث أن وصف النساء بأنهن يذهبن بلب الرجل
الحازم يعني أن ذلك لا يكون إلا بالخلاعة والميوعة وسوء الخلق والتربية
وليس من نقص العقل. ويضيف أن جميع ما ذكر أنه ورد في الروايات أن النبي (ص)
قال عن النساء أن النقص لديهن لأنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير ويتساءل
الباحث : هل الرجال في الأسواق لا يكثرون اللعن ؟ وهل الرجال الذين يتركون
أولادهم وأزواجهم لا يكفرون العشير؟ وينتهي إلى أن هذه الرواية لا يؤخذ
منها عقيدة ولا حكم لذلك لم يذكرها مالك ولا النسائي ولا الدارمي والرواة
مجروحون في السند وشذوذ المعنى في المتن مما يكون معه حديثاً مشكوكاً في
صحته مثله مثل الحديث الذي ورد في صحيح مسلم يقطع الصلاة المرأة والحمار
والكلب الأسود وهذا الحديث كذَّبه البخاري على لسان السيدة عائشة رضى الله
عنها حيث قالت : شبهتمونا بالكلاب والحمير فأين العقول من هذا الكلام؟!
ويستطرد
قائلاً ومن جانب آخر فإن رواية نقص العقل والدين لدى النساء تجافي العقل
والمنطق فرسول الله (ص) الذي أعطاه الله الحكمة وفصل الخطاب لا يمكن أن
يخالف القرآن وقد جاءت به قصص فضيلات منهن زوجة سيدنا إبراهيم وزوجة زكريا
والسيدة مريم التي قالت لها الملائكة أن الله اصطفاك وطهرك على نساء
العالمين ، وامرأة فرعون التي قال فيها عز وجل (وضرب الله مثلاً للذين
آمنوا امرأة فرعون) أي أن الله جعلها مثلاً للمؤمنين من النساء والرجال
فيتساءل : هل يمكن أن تكون ناقصة عقل وهل ينطبق هذا الحكم على ملكة سبأ
التي انقذت شعبها وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ؟ ، ويقول : أما الحكم
على عقل المرأة بالنقصان لأن الله جعل عدد الشهود رجلين أو رجلاً وامرأتين
كما في آية الدين سورة البقرة آية (282) فهذا الحكم جانبه الصواب لأنه بنفس
المنطق فإن الرجال ناقصوا عقل لعدم جواز شهادة الرجل الواحد حيث الرجل
الثاني سيذكر الأول ومعنى لتذكر إحداهما الأخرى لا تعني لتكمل النقص في عقل
الأخرى بل تضيف معلومات لم تكن عند الشهادة الأولى ثم أن من شروط الشاهدة
اكتمال العقل فهل يقبل الله شهادة المرأة وهي ناقصة عقل؟ وأما مقولة ناقصات
دين فلا يمكن أن يقولها رسول الله (ص) لأن علة النقص في الدين سببها الحيض
وهذا شيء فطرها الله عليه وليس لها خيار فيه فكيف تعير المرأة من رسول
الله على شيء كتب عليها ؟!