!!! مارد الصندوق !!!
كلَّما مررتُ في شارع بيتنا الجديد، يخطرُ لي قولٌ لطالما ردَّدتُهُ في ذهني عندما كنَّا نسكن في حيٍّ شعبيٍّ مقيت؛ ألا وهو " النظافة من الإيمان "، وما أسعدني اليوم !!، أتنقَّلُ بخفَّةِ بين جنباتِ الحيِّ الجديد، حيث الأشجار المترامية على طرفي الشارع تفرد ظلالها وتحنو على جباهنا من قيظ الصيف، أو تُدارينا من وابل الأمطار فتبدِّدها؛ إلاَّ من رذاذٍ خفيفٍ يُشعرنا بمتعة السَّير ونقاء الهواء الذي يُنعش النَّفس.
وأمَّا الحاويات، فتبدو كصناديق الهدايا، يتفرَّسُ فيها عامل النظافة ويبتسم حينما يعثر على ضالَّةٍ كان يبحثُ عنها ... وذات مرَّة، أردتُ التَّخلَُص من بضعة مناديل كنتُ قد استخدمتها بسبب الزُّكام الحاد، فقطعتُ مسافةً لا بأس بها من أجل رميها في صندوق القمامة المعلَّق على جدار إحدى الأبنية، وحين فتحتُ غطاء الصندوق ... خرج منه ماردٌ كبير، وقال بصوتٍ أجشّ : " شبيك لبيك عبدك بين يديك "، فارتعدت فرائصي خوفاً، واستيقظت مذعورة من حُلمٍ كنت أتمنَّى أن يطول ..
لأكتشف بأننا ما زلنا نسكن في حيِّنا القديم الخَرب.