في الثامن من آذار ظل الإعلام مرآة لمجتمعنا ألذكوري
(15/03/2011)
الكاتب: كفاح مناصرة
تكالبت صنوف المعاناة على النساء في اليوم العالمي للمرأة من قبل أكثر من جهة ، وما شد انتباهي في ذالك اليوم هو كيفية تناول الإعلام الفلسطيني لاهتمامات وقضايا المرأة ، واقصد هنا بالتحديد وكالة معا التي أصبح الاطلاع على صفحتها جزء من قوتنا اليومي ، فشاشات حواسيبنا لاتخلوا من الصفحة الرئيسية لوكالة معا. وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة زادت متابعتي بحثا عن أخبار النساء وبحثا عن الإنصاف الإعلامي لهن ولأنشطتهن لأنة لطالما واظبنا وطالعنا بشكل يومي أخبار الساسة الرجال ، الكبار والصغار منهم ، وتصريحاتهم. لكن الذي فاجأني هو أن كافة الجهود والفعاليات التي أطلقتها نساء فلسطين لم تجذب اهتمام وكالة معا ومرت تلك الأيام والفعاليات وكأن شيئا لم يحدث في البلاد .
هذا التجاهل دفعني للربط بين تلك الفعاليات ومجرياتها وما بين سلوك الإعلام. وليت أخبار فعاليات إحياء الثامن من آذار نقلت على الفضائيات العربية حتى تحتل صدارة أخباركم وتشد اهتمامكم يا وكالة معا .
هل حقا فعالياتنا لم تكن كافية للفت نظركم؟ مع أن محافظات الوطن كافة وبالذات نقاط الاحتكاك مع الاحتلال الإسرائيلي شهدت تظاهرات وفعاليات من قبل نساء فلسطينيات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة . حيث دعا الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الى إحياء هذا اليوم من خلال عقد فعاليات تأخذ الطابع الوطني ، وإلى أيام تصعيديه أيام تتوحد فيها نساء الوطن بمختلف تياراته لتقول المرأة الفلسطينية كلمتها ولتسمع صوتها وللقيام بدورها الوطني ، في رفض ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي وما انبثق ولا زال ينبثق عنة من معاناة تجد أثارها في كافة تفاصيل حياتها ، ولإسماع صوتها ومطالبها لإنهاء الانقسام ولم الشمل الفلسطيني ، غير متناسية على الإطلاق أهمية رفع شعارات رفض الاستمرار في مكابدة الموروث الاجتماعي الذي لا زال يسحبها للوراء كلما عقدت العزم على التقدم للأمام ، لأنها كانت دوما تعيش وتدفع ثمن قرارات الساسة صانعي القرار، وكانت شريكة بمعايشة ويلات الصراع مع الاحتلال ، كما هي شريكة بمعايشة ويلات الانقسام الداخلي .
جاء هذا اليوم لتسمع المرأة الفلسطينية صوتها ، ولتنتزع زمام المبادرة ولتفرض نفسها وتكون شريكة في صنع السلام ، ورفعت النساء شعارات "نعم لإنهاء الاحتلال نعم لإنهاء الانقسام نعم لقيام دولة مستقلة تسودها العدالة الاجتماعية نعم لقوانين عصرية منصفة للنساء" .
اختارت النساء باتحادهن العام أن تكون الفعاليات على خطوط المواجهة مع الاحتلال على الحواجز والأراضي المصادرة وبالقرب من الجدار، و زاوجت هذه الشعارات بين ما تتعرض له المرأة في المجتمع الفلسطيني من قهر وظلم اجتماعي وعنف سياسي .
إنها لمفارقة عظيمة وتدعونا للتوقف والتأمل طويلا أمام تلك الشعارات التي رفعت في مسيرات محاذية لجدار الضم و الفصل العنصري وعلى الحواجز، هذه الشعارات طالبت بوقف الظلم الاجتماعي الذي لا زالت النساء يكابدنه إضافة إلى الظلم السياسي الناتج عن بطش الاحتلال ..
ليس هذا فحسب، بل أضيف على كاهلها مكابدة ومعايشة حسرة الانقسام ليزيد من . يضاف إليه التراجع العام والانتكاسة التي طالت ما انجزتة النساء من حقوق وحريات ومن مكانة مجتمعية وسياسية وعائلية ، حتى أصبح تنشقها لهواء بحر غزة من المحرمات ، وزاد استضعافها اضطرادا مع حالة عدم الاستقرار للمجتمع . ففي كل يوم تتجلى صور تراجع الحالة الفلسطينية الداخلية على المرأة بوضوح اكبر من خلال التفنن بفرض القيود وزيادة قائمة المحرمات عليها .
هل خطر ببال أخواتنا في الاتحاد العام للمرأة وهن يضعن شعارات الفعاليات ، ثقل الموروث الاجتماعي بعاداته وتقاليده ، هل خطر ببالهن القهر السياسي وكيف سيكون مظهرنا أمام جنود الاحتلال الذين شدهم مظهر الشعارات واهتموا بتصويرها.
كم سيحمل ذلك من مرارة داخلنا عندما نعود إلى بيوتنا ونفكر بحجم الأعباء والقضايا التي علينا العمل من اجل تغيرها. أما كان يكفي في ذلك اليوم لو وضعنا جانبا ولو لساعات نضالنا ضد القهر الاجتماعي؟ وحملت يافطاتنا شعارات المقاومة للاحتلال ؟؟؟ الم يكن ذلك اقل خجلاً لنا أمام الجنود الذي صوبوا كاميراتهم لتصوير شعارات ضد القهر الاجتماعي . اما كان من الأفضل لنا لو ظهرنا أمامهم بمظهر المسنود اجتماعيا ؟؟ . لقد كان عبئ شعاراتنا ثقيل يا رفيقاتي في تلك المظاهرات . إنني في ذلك لا ادعوا لإسقاط أو تأجيل ، ولو للحظة واحدة ، نضالنا المستمر تجاه قضايانا العادلة كبشر قبل ان نكون نساء في بعديها الاجتماعي والداخلي .
إن طرحي هذا مجرد دعوة لأشقائنا الرجال والى المجتمع كافة للتمحيص في هذه المفارقة في أعباء الشعارات على كاهلنا ، بين الشعارات التي ترفعها المرأة وتلك التي يرفعها الرجل فرق كبير وشاسع ، وبالتالي كم ستكون جبهتك أقوى عندما تواجه عدوا واحد مقارنة بمجابهة عدوين شرسين أولهما الاحتلال وثانيهما المورث الاجتماعي ، هذا إضافة إلى جبهتنا الداخلية المتعثرة بحالة الانقسام .
كثيرة هي الفعاليات الوطنية ضد الجدار وضد الاستيطان التي يقودها إخوتنا الرجال و ترفع شعارات ضد المحتل فقط ، فهم لا يعانون من قوانين تبيح قتلهم بسبب العذر المحل. وهم يملكون ويرثون وإلا لكانت الطامة الكبرى .
هكذا كان الثامن من آذار هذا العام ، أحيته المرأة الفلسطينية بمعركة جديدة في حربها ضد الاحتلال والظلم ، وقبل يوم المرأة أحيت كافة مؤسسات الوطن ذات العلاقة بالمرأة وحقوق الإنسان اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ، وقدمت وعقدت المحاضرات وحملات التوعية والمؤتمرات وإعلامنا وشبكة معا على سبيل المثال مضت في أيامها الإعلامية وكان شيء لم يكن !.
لكن للأسف مرت صفحات وكالتكم عن الموضوع وكأن شيئا لا يجري في البلاد لا على جدار الفصل ولا على الحواجز ؟
وللمفارقة فقد تزامن ذلك مع اتصال وكالة أنباء اسبانية علمت ، بطريقة ما ، عن مسيرتين نسائيتين من داخل القدس ومن رام اللة سيلتقين في نفس الوقت عند حاجز قلنديا ، ولديها ( الوكالة الاسبانية) اهتمام كبير بالتغطية والمتابعة الإعلامية في كيفية احياء نساء فلسطين لهذا اليوم .
ماذا نسمي ذلك ؟ اهو الإعلام ألذكوري العربي الذي لا يزال يرى ويعكس أخبار المجتمع بمنظوره كرجل ؟ أم أن هناك سياسة متعمدة في ذلك ؟؟ أم هي صحافة الرجل العربي الذي يعكس الأحداث انطلاقا من لا وعيه الكامن كذكر دون أن يقصد ؟؟ .
اعذروني زملائي في شبكة معا إن هذا إلا عتاب لمؤسسة ريادية تتربع على صدارة الإعلام الفلسطيني ويتابعها الآلاف من مختلف الفئات في المجتمع الفلسطيني يوميا ، سواء كانوا من صانعي القرار والأحداث أومن المتأثرين بهذه القرارات وتلك الإحداث ، فأنتم شركاء أسياسيون في بناء و إعادة صياغة توجهات المجتمع تجاه قضايا المرأة ، و إذا كان لا يعجبكم خطاب المؤسسات النسوية فقوموا بدوركم تجاه نصف المجتمع وقدموا خطابا على طريقتكم ينسجم ورؤيتكم في رسائلكم الإعلامية البناءة والتي تشيرون إليها في برامجكم تحت عناوين تعزيز مبادئ الحكم الصالح بالنزاهة والشفافية وسرعة الاستجابة والعدالة والمساواة.