15 اذار و كرامة المرأة في غزة
(18/03/2011)
في غزة ستكون هناك تداعيات للاعتداء الهمجي على المعتصمين خاصة ضد النساء في ساحة الكتيبة بمدينة غزة، والعنف ضدهن من قبل المهاجمين من رجال الشرطة والمساندين المدنيين، الذين كانوا حريصين جدا على تطبيق العدل ومبدأي المساواة وعدم التمييز في الضرب بقسوة شديدة ضد النساء، وضرب الفتيات بالشلوت، وتوجيه الشتائم والالفاظ البذيئة والحقيرة لهن، والتحريض وبث الشائعات ضدهن.
كثير من الاباء يشعرون بحزن وغضب شديدين من ما جرى في ساحة الكتيبة، وما تلاه من اقتحام حرم جامعة الازهر في مدينة غزة في اليوم التالي من هجوم الكتيبة، ويشعرون بإهانة كبيرة لكرامتهم، خاصة بعد سماعهم روايات من بناتهم حول العنف الجسدي واللفظي بحقهن، من شتائم وقدح وذم، واتهامهن بشرفهن.
فمع الدعوات التي وجهها عدد من الشباب على صفحات الفيس بوك للتظاهر والمطالبة بإنهاء الانقسام، كان للفتيات دور كبير وبارز في الدعوة لانهاء الانقسام، ولم يكن مفاجئا لنا في غزة مشاركة المرأة الفلسطينية في فعاليات 15 آذار، ولم يكن مفاجئا لنا مبادرة عدد من الفتيات بالدعوة على صفحات الفيس بوك للتظاهر تضامنا مع الثورة المصرية، ولم يكن مفاجئا قمعهن واعتقالهن والتحقيق معهن والاعتداء على عدد منهن بالضرب، وتوجيه الشتائم والالفاظ النابية والقاسية، كانت تخجل الفتيات اعادتها على مسامعنا.
وعلى الرغم من حساسية قضايا المرآة الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية، وتحفظ الكثيرين من تناول القضايا الرئيسية للمرأة المتعلقة بحقوقها ومساواتها مع الرجل، الا ان النساء خاصة الفتيات منهن شاركن بقوة وجرأة كبيرة في التعبير عن آرائهن، ويخضن تجربة كبيرة في استخدام الانترنت والمدونات والكتابة عبر صفحات الفيس بوك، وتناول القضية الفلسطينية خاصة قضية الانقسام الفلسطيني، والخوض فيها ونقاشها، الا انهن مازلن يفتقدنا الوعي الكافي بالذات، وبقضايا النساء والقضية الوطنية.
في احد مساجد رفح تحدث خطيب المسجد الحمساوي عن الحريات العامة والثورات التي تجتاح الوطن العربي، وقال ان الاسلام كفل الحريات العامة وحافظ على كرامة الناس، وقال ان مقاصد الشريعة خمسة، وهي حفظ العقل والمال والنفس والدين، والنسل، وقال ان العلامة الاسلامي الطاهر بن عاشور أضاف الحرية كمقصد سادس من مقاصد الشريعة، والحرية تشمل حرية المعتقد وحرية المسكن والملبس وغيرها من الحقوق التي كفلها الاسلام للناس.
خطيب المسجد تحدث عن ذلك، وغفل عن ما تقوم به حكومة حماس من ممارسات وانتهاكات للحريات العامة، والتي كفلها الاسلام كما كفلتها المواثيق الدولية والقانون الفلسطيني، وما قامت به الحركة وحكومتها خلال اليومين الماضيين، والرسول الكريم دعا إلى احترام النساء وإعطائهن حقوقهن، والاسلام كرم المرأة ورفع من شأنها ومكانتها، فالنساء في الاسلام شقائق الرجال، وامر بصونها وحفظ كرامتها وحمايتها من الضرب وتوجيه الالفاظ البذيئة لهن.
الاعتداء على الحريات العامة يجب ان يجرم خاصة ضد النساء، وهل الاخلاق الاسلامية تبيح الاعتداء على النساء؟ وهل التعامل مع المرآة يكون على قاعدة الافتراض ان أفراد حماس هم من الاطهار وان غيرهم أشرار وغير محترمين واخلاقهم منحلة وخونة؟
الاسلام حرم التعذيب والاعتداء بالضرب واللطم على الوجه، والاساءة والتجريح والشتم والابتعاد عن الالفاظ النابية، مثلاً كفارة اللطم هي العتق كما حدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم عندما اشتكت جارية له من مولاها لطمها على وجهها فقال له الرسول اعتقها، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
وفي مصر كانت تجربة الثوار في ميدان التحرير رائعة وسادت اجواء التسامح وقبول الاخر، وكان تعامل الشباب مع الفتيات مثلاً يحتذى خاصة من شباب الاخوان المسلمين، الذين نقلوا صورة ايجابية عن التسامح والتعامل مع المرأة بشكل حضاري، ولم نسمع منهم حتى الان سوى انهم سيقبلون بان تكون الدولة المصرية المقبلة مدنية ديمقراطية، فلماذا في غزة يتم ضرب النساء والفتيات والاطفال وكان الامور عادية؟
في 15 آذار تعرضت المرأة في غزة للإهانة والعنف باستخدام الضرب ضدها بقسوة، ولم تسلم هي وعائلتها من الشتم والقذف والتشهير، أفلا يكفي أنها مهمشة ومغيبة، ولم تمارس حقوقها كاملة، فالنساء والفتيات اللواتي خرجن للمشاركة في 15 آذار لم تكن للمطالبة بالمساواة وعدم التمييز، بل هن خرجن للمطالبة بإنهاء الانقسام.
لكن للأسف ما يتطلع له المجتمع الغزي اليوم من شبان وشابات وعائلاتهم ليس المطالبة بإنهاء الانقسام، بل بوقف العنف ضدهم، وعدم التشهير بهم والحط من كرامتهم وكرامة عائلاتهم، واليوم أصبح مطلب النساء وعائلات الفتيات المطالبة بوقف العنف والاذى والتشهير، والعيش بكرامة وحرية، والمساواة في الحقوق والحريات أمام القانون.