معاملات إسلامية
الـصيد
مشروعية الصيد:
أباح الإسلام الصيد، لحاجة الناس إليه، ولأكل اللحوم وخاصة إذا كانوا غير قادرين على شرائها.
أنواع الصيد:
الصيد الحلال: وهو ما كان القصد منه تذكية (ذبح) الحيوان الذي يصعب ذبحه كأن يكون الحيوان شاردًا أو هاربًا من صاحبه فيصعب الإمساك به وذبحه، أو يكون متوحشًا ويخاف الإنسان الاقتراب منه أو أن يكون الحيوان بريَّا أو طائرًا فى السماء، ففى كل هذه الحالات يجوز صيد هذه الحيوانات.
الصيد الحرام: وهو ما كان لغرض آخر غير تذكية الحيوان، وذلك كأن يتخذ الصائد الحيوان هدفًا لتعلم الرماية بالسهم أو البندقية أو غيرها، وقد وصف الرسول ( هذا العمل بأنه عبث، قال ( :"من قتل عصفورًا عبثًا عج (صاح بالشكوى) إلى الله يوم القيامة، يقول: يارب إن فلانًا قتلنى عبثًا ولم يقتلنى منفعة. وقال ( أيضًا:"لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا" [مسلم] (أى: لا تجعل من الطائر هدفًا للرمى).
ومن الصيد الحرام: صيد المُحْرم للحيوانات البرية أو الإشارة إليها أو الدلالة عليها لصيدها إن كانت مختفية، ودليل ذلك قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا).
ويكره الصيد إن كان الغرض منه العبث، وهو مندوب إن كان للتوسعة علي العيال، ويصبح الصيد واجبًا إذا كان لإحياء النفس عند الضرورة، كأن يشرف الإنسان علي الموت، وهو يستطيع الصيد، ليبقى علي حياته بتناول ما يمكن صيده.
حكم صيد الحيوان المتوحش إذا أصبح مستأنسًا أو العكس:
إذا أصبح الحيوان المستأنس متوحشًا فيجوز صيده، كأن تشرد ناقة من صاحبها ولا يستطيع أحد الاقتراب منها، فى هذه الحالة يجوز صيدها، فقد روى أن بعيرًا شرد من قوم كانوا فى سفر مع رسول الله ( فرماه رجل منهم بسهم فوقع على الأرض، فقال رسول الله ( :"إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما فعل منها هكذا فافعلوا به هكذا" [النسائى ومسلم].
(أى: ما شرد منها مثل هذا البعير فاصطادوه كما فعل ذلك الرجل).
والعكس صحيح فإذا تحول الحيوان المتوحش إلى حيوان مستأنس فإنه لا يجوز صيده بل يذبح.
أدوات الصيد وشروط استعمالها:
عادة ما يستعمل الإنسان فى الصيد الرمح أو السهم أو السيف أو البنادق.. أو يستخدم الحيوانات والطيور المدربة على الصيد مثل الكلب والصقر وغيرها، وقد يستخدم الإنسان المصيدة أو يلجأ إلى الخدعة للإيقاع بفريسته.
وإذا كان الصيد بالبندقية أو السهم أو الرمح أو السيف، فيشترط أن يخترق السلاح جسم الحيوان فقد قال عدى بن حاتم: يا رسول الله، إنا قوم نرمى فما يحل لنا.
قال ( :"ما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم (خرقتم) فكلوا فإذا لم ينفذ السلاح فى الحيوان المراد صيده، ولم يخرقه ومات هذا الحيوان لم يجز أكله.
وإذا كان الصيد بالحيوانات المدربة كالكلاب فيشترط أن يرسله صاحبه للصيد، لا أن يخرج من تلقاء نفسه للصيد، وإذا أرسله صاحبه فاصطاد وأكل من الحيوان الذي اصطاده لم يجز لصاحبه الأكل من ذلك الحيوان، لقول رسول الله ( لعدى بن حاتم:"إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها، فكُلْ مما أمسكن عليك إن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل الكلب فلا تأكل، فإنى أخاف أن يكون مما أمسك على نفسه". [ابن ماجة]. فإذا لم يأكل الحيوان المدرب من الصيد، ولكنه شرب من دمه فلاشيء، وهو حلال عند أكثر الفقهاء.
وإذا استخدم الصائد خدعة أو مصيدة فوقع فيها صيد فهو له ولا يحل لأحد غيره أن يأخذه، فإذا وجده الصائد حيَّا فذبحه فهو حلال وإن مات فلا يحل أكله. وللصائد أن يصطاد بعصا أو حجر، ولكن بشرط أن يدرك الحيوان الذي ضربه فيذبحه قبل موته.
وإن أطلق الصائد السهم أو الرمح أو غيرهما، فجرح الحيوان نظر الصائد، فإن كان الجرح الذي تسبب فيه السهم أو الرمح مميتًا جاز أكله بعد موته. وإذا لم يكن الجرح مميتًا لم يحل أكله للصائد إلا بعد ذبحه.
وإذا وجد الصائد الحيوان الذي اصطاده مقتولا، فإن تأكد من أن موته كان بسبب صيده حل أكله، وإن كان نتيجة سبب آخر كالوقوع من على شىء مرتفع أو نتيجة غرق أو نتيجة هجو مسبع عليه، لم يَحِل أكله، لقول رسول الله ( لعدى بن حاتم:"إذا رميت بسهمك فاذكر الله، فإن وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع فى ماء، فإنك لا تدرى الماء قتله أم سهمك" [متفق عليه]، وقد روى عن عدى أنه قال: قلت يا رسول الله أرمى الصيد أجد فيه سهمى من الغد. قال:"إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع، فكل" [الترمذي وقال:حديث صحيح".
إذا اصطاد الإنسان صيدًًا ولم يجده:
إذا اصطاد الإنسان حيوانًا ولم يجده، ثم وجده بعد يومين أو ثلاثة، ثم تأكد أن قتله كان نتيجة صيده، فإن لم يكن قد فسد وأصبح نتنًا يجوز أكله، وإلا فلا يجوز أكله،فعن أبى ثعلبة الخشنى أن النبى ( قال:"إذا رميت بسهمك فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله مالم ينتن" [مسلم].شروط حل أكل الصيد:
1- أن يقصد بصيد الحيوان تذكيته: وأن يكون الصائد مسلمًا أو كتابيًا (يهوديًا أو نصرانيًا).
2- أن يكون الصائد قد ذكر اسم الله عليه: قال ( :"ما صدتَ بقوسك فذكرتَ اسم الله عليه فكُلْ.." [متفق عليه].
ويكون ذكر الله بأن يقول:"بسم الله، الله أكبر" ويجوز للمسلم غير العربي أن يقولها بغير العربية، ويجوز له أن يشير إشارة يفهم منها أنه أراد التسمية، كأن ينظر إلى السماء ثم يصطاد، وتكون التسمية حال رمى السهم أو الرمح أو حال إطلاق الحيوان المعلم.
3- ويكون الصيد عقب إطلاق الحيوان المعلم: وأن يكون المسمى هو الصائد نفسه. وأن يقصد بالتسمية تذكية الحيوان (أي: طهارته وذبحه).
ترك التسمية:
إذا ترك الصائد التسمية عمدًا لا يصح أكل الصيد وهو رأي الأحناف وأحمد والثوري وغيرهم ، لأنها شرط عندهم، وإن تركها سهوًا جاز أكله ، وقد ورد عن مالك عن أحمد أنها سنة ، فمن تركها عمدًا أو سهوًا؛ جاز أكله، وإن كانت التسمية تستحب في كل حال.
وقت الصيد ومكانه:
يقوم الصائد بالصيد فى أى وقت، إلا أن يكون مُحْرِمًا للحج أو العمرة، كما ذكرنا من قبل، فإذا انتهى الحاج من حجه والمعتمر منعمرته، جاز له الصيد. ويكون الصيد فى أى مكان يريد الإنسان إلا فى حرم مكة والمدينة، سواء أكان الإنسان محرمًا أم لا.