(فرصتي) تفتح آفاق سوق العمل للنساء في المخيمات

(فرصتي) تفتح آفاق سوق العمل للنساء في المخيمات
(15/03/2011)


أدركت «هدى» أن عملها سيعين زوجها على أعباء الحياة، ويمكنها من تلبية احتياجات أولادها الأربعة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار.
«هدى» التي واجهت رفضا ومعارضة شديدين من الأهل والجيران لدخولها إلى سوق العمل، بحجة أن «دورها أساسي هو تربية أولادها، ومكانها هو بيتها».
بيد أن إصرارها على العمل وقناعتها بضرورة أن تضع يدها بيد زوجها للتغلب على مصاعب الحياة، هو ما دفعها للبحث عن طريقة تمكنها من العمل دون أن تغادر بيتها، أو إن أمكن العمل في محيط حارتها في المخيم الذي تقطن به في عمان.
وبالفعل دخلت «هدى» إلى سوق العمل متسلحة بإيمانها بقيمة العمل وضرورة أن تكون المرأة شريكة للرجل، حتى تتمكن الأسرة أن تصل إلى بر الأمان، فاختارت العمل عبر»الإنتاج بالبيوت»، واختارت تصنيع العطور ما در دخلا عليها، سد متطلبات الحياة.
قدرة هدى على اختراق المفاهيم الخاطئة والنظرة في مجتمعها المحيط بها المعادية للعمل، ترافقت مع ظهور «مبادرة فرصتي.. المرأة والعمل» التي أطلقت في العام الماضي، وتبنتها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي جايكا بالتعاون مع دائرة الشؤون الفلسطينية، وتعنى المبادرة بتوعية المجتمع بأهمية مشاركة وتفعيل دور المرأة في سوق العمل بهدف المساعدة في إيجاد فرص العمل المناسبة لها.
المبادرة وفق مدير مديرية الخدمات العامة ومديرية التنمية والتمويل بدائرة الشؤون الفلسطينية المهندس محمود العقرباوي، تدعم عمل المرأة وتقلل من الفقر في المخيمات الفلسطينية،عبر تغيير النظرة السلبية تجاه عمل المرأة.
وأوضح المهندس العقرباوي ل»الرأي» أن (جايكا) نسقت مع دائرة الشؤون الفلسطينية منذ عام 2005 لدعم النساء الفقيرات في المخيمات، بعد دراسة لواقع النساء في المخيمات.
وأضاف أنه نتيجة الدراسة وجدوا أن نسبة عالية من النساء تعاني من قلة الموارد، وعدم القدرة على توفير احتياجات العائلة، ما دفعهم التفكير نحو إنشاء مشروع يخدم فئة من النساء، وكانت البداية في مخيمين (حطين وإربد)، ومن ثم تبعها دراسة لكل مخيم.
الدراسة هدفت وفق المهندس العقرباوي إلى قياس مدى إمكانية المشروع بالتدريب والتشغيل، وبالفعل وجدوا أن تنفيذ المشروع أعطى نتائج إيجابية، ما جعلهم يوسعون المشروع ليشمل أربعة مخيمات ومن ثم تسعة مخيمات.
ورغم النجاحات التي حققها المشروع، إلا أنه واجه صعوبات ليس أقلها رفض فكرة عمل المرأة من منطلق عدم تقبل الاختلاط والخروج من المنزل.
التحديات المذكورة دفعتهم بحسب المهندس العقرباوي للتفكير بإجراء دراسة عن النواحي الاجتماعية للنساء الفقيرات، والبحث عن وسائل لتحفيز النساء قبول العمل، ورافقها برامج تدريبية للتشغيل الذاتي في المنزل، والتشغيل المباشر في توفير فرص عمل للباحثات عن عمل من خلال الشركات والمصانع المحاذية للمخيم.
القائمون على الدراسة ركزوا على المرأة، وثم تطرقوا إلى أرباب الأسر سعيا لتغيير سلوكهم للوصول إلى تقبلهم للعمل.
ووجد معدو الدراسة كما قال المهندس العقرباوي أن أكثر من عنصر مؤثر في عدم دخول المرأة إلى سوق العمل وهذه العناصر هي: الديني، الاجتماعي، الاقتصادي.حيث جرى الخلط موضوع الدين بعمل المرأة من مبدأ الخلوة والاختلاط.
وبين ممثل جايكا في الأردن ميتسوهيرو أوساكي أن المبادرة تهدف إلى إيجاد حلول للصعوبات التي تواجه المرأة في المشاركة في سوق العمل، إذ أن الدراسة التي نفذت من قبل مستشارين محليين وتم دعمها من جايكا وجدت أن المرأة ما زالت تواجه معوقات رغم الاستعداد للعمل.
فلجأوا إلى مستشار اجتماعي وديني واقتصادي، ومواد تدريبية تشرح للناس عبر التوجه للمرأة والأسرة، بغية تغير تصحيح المعتقدات الخاطئة وتغيير طريقة التفكير وتوضيح أن الدين محفز للعمل ولا يعارضه.
ومن الوسائل التي تساهم بتغيير النظرة هي التنسيق مع أئمة المساجد لشرح قيمة العمل وموقف الدين من عمل المرأة، للمصلين عبر دروس الجمعة.
وساندت الحملة الإعلامية وتوزيع نشرات وإلصاقها على جدران المخيمات وأسوار المدارس والبيوت، لتوضيح فكرة «فرصتي» وشرح أبعاد عمل المرأة دينيا واجتماعيا واقتصاديا.
وبين أوساكي أن المبادرة ستقود إلى تغيير في النظرة والسلوك من قبل المجتمع المحلي نحو توسيع مشاركة المرأة في سوق العمل.
وأشار إلى أن شعارات مبادرة فرصتي هي العمل مسؤولية ،وعبادة وعطاء للعائلة والمجتمع، مبينا قصص النجاح الخاصة بالنساء للحصول على دخل اكبر بعد دورات التدريب مثل صناعة العطور أو عمل المنظفات وغيرها.
المهندس العقرباوي ورغم مشقة العمل لجهة تغيير السلوك المجتمعي وتغيير المفاهيم، إلا أنه متفائل بنجاح المهمة، فالنتائج كما قال «طيبة»، فقد تمكنوا على مدى السنوات الخمس الماضية من تأمين 200 فرصة عمل لفتيات عاطلات عن العمل في مجال التشغيل المباشر، ونحو 1200 امرأة في مجال الإنتاج الذاتي (الإنتاج بالبيوت) عبر إعطاء النساء مواد الخام وتدريبهن وتأهيلهن، مثل صناعة العطور، زراعة الفطر، تركيب منظفات كيماوية..سائل الغسيل وصابون غسيل مطهرات شامبو، تربية أرانب، وتربية نحل، صناعة لوحات فسيفساء.
العقرباوي وأوساكي ينظران بتفاؤل لتحقيق هدف المبادرة وهما ينظران إلى إنجازات هدى برضى وأمل، إذ أنها تعبر عن وضعها بقولها: «حصلت على فرصتي وتمكنت من تحسين وضع أسرتي».